قلم حر

الحارس اللطيف

“لقد رأيت في هذا السجن أناسا يعيشون في أسوأ الظروف الممكنة في أسوأ الأماكن الممكنة، لا يزعزع ذلك إيمانهم ولا أملهم في المستقبل”.

هذه عبارة قالها أحد أشهر حراس معتقل غوانتانامو (تيري هولد بروكس). بعد أن لامس قلبه نور اليقين الذي لا يتزعزع، فثقة المؤمن بخالقه واستسلامه له وحده نور كان يراه الحارس في معتقلي هذا السجن لينطق بكلمة التوحيد (لا إله إلا الله، محمد رسول الله ) ، ويصبح جزءا من أمة الإسلام. لكن قبل أن نتحدث عن الحارس لنعرف من هو لا بد لنا من أن نذكر شيئا عن غوانتانامو لمن لا يعرف.

سجن غوانتانامو

سجن أو معتقل غوانتانامو يقع في قاعدة بحرية تستأجرها الولايات المتحدة الأمريكية من جمهورية كوبا وهو سجن سيئ السمعة، إلى الحد الذي جعل منظمة العفو الدولية تقول إن معتقل غوانتانامو الأمريكي يمثل همجية هذا العصر. بناؤه خارج الولايات المتحدة يجعله غير خاضع لاتفاقية جنيف لحقوق أسرى الحرب، وغير خاضع حتى لقوانين واتفاقيات حقوق الإنسان ولا تلك الحرية التي لطالما تتشدق بها أمريكا. بنو هذا المعتقل عام 2002. وذلك لسجن من يشتبه أنهم إرهابيون أي الذين بالتأكيد ليسوا سوى مسلمين حسب تعريف القاموس الأمريكي للإرهاب كما اعتدنا منهم.

تيري هولد بروكس 

ساقت الأقدار الحارس (تيري هولد بروكس)_ أمريكي الجنسية _الانضمام إلى الجيش الأمريكي ليعيش مغامرات جديدة، وقد وصف فرحته بخوض  مغامرة جديدة ظن أنه سيلقاها في سجن غوانتانامو في لقاء مع صحيفة لوموند الفرنسية، لكن قبل أن يذهب  كانت صدمته شديدة أثناء طريقه المؤدية إلى السجن، فالطريق مخيف ولا تصلح إلا للسحالي كما وصفها .  وبعد وصوله بدأ يتساءل “هل فعلا من هم وراء هذه القضبان خطيرون لدرجة أنهم يستحقون كل هذه الإجراءات المكلفة للغاية؟”.

لقد كان كغيره من الحراس مدمن للكحول فهي الطريقة الوحيدة للهروب من الكوابيس التي تلحقهم في الليل إثر رؤيتهم لصنوف تعذيب المعتقلين نهار، حتى أنه أبلغ المسؤولين عنه  أنه يفكر بالانتحار وأنه يريد طبيبا نفسيا فلم يكن رد الضابط المسؤول سوى أشرب خمرا لتنسى، ليسأل نفسه نحن نعمل لثماني ساعات فقط ونكون تعساء، وهؤلاء محبوسون لمدة أربع وعشرين ساعة وما زالوا يقفون للصلاة ويعيشون السلام والثقة.

حتى اختار أن يستمع للمعتقلين بدل اللهو مع زملائه حيث كانت نشاطات الحراس الليلية هي مشاهدة الأفلام الخليعة ولعب كرة الطاولة، وتوقف عن شرب الكحول وقلل شرهه للسجائر وكان يذهب ليسأل  المعتقلون عن سبب صلاتهم المكررة خمس مرات وسر ذاك السلام والثقة لم تكن الإجابة أكثر من أنهم مسلمون مستسلمون لمشيئة الله.

الحارس اللطيف

ومع مرور الوقت نشأت بين الحارس والسجناء نوعا من الاحترام المتبادل. وقد كانوا يلقبونه الحارس اللطيف لأنه كان يحسن معاملتهم ويخفف عنهم ما يلاقونه من التعذيب. وفي لقائه مع الصحيفة الفرنسية قال “لقد رأيت في هذا السجن أناسا يعيشون في أسوأ الظروف الممكنة في أسوأ الأماكن الممكنة، لا يزعزع ذلك إيمانهم ولا أملهم في المستقبل”.

كما أنه قال أيضا “لم أكن أؤمن بالله قبل غوانتانامو… ومع الإسلام وجدت حلاوة الإيمان فهو دين خالص…” وعلى أرضية غوانتانامو نطق شهادة الإسلام  عام 2003 بعد نقاشات حول الإسلام مع المعتقل رقم 509 الذي أعطاه قرآنه  وعاد إليه بعد فترة يسأل عن كيف يدخل في  الإسلام ليقول له أعطني ورقة فارغة وقلما، ليكتب له شهادة التوحيد  ويمررها له من تحت باب السجن وينطقها بعد عدة محاولات بشكل صحيح. وبوجود عدد من المعتقلين الذي أطلقوا عليه اسم “مصطفى” بعد ذلك، وهو أضاف لاحقا اسم (عبد الله) لمصطفى ليصبح الآن (مصطفى عبد الله) أول من أسلم من حراس غوانتانامو.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر محفوظة