قلم حركتب وشِعر

لا تحكم على كتاب من غلافه

يطالعني بحزن كلما وقفت أمام مكتبتي لاختار كتابا لقراءته ، فعادة ما يكون عندي عدد لا بأس به من الكتب الجديدة ، فأنا أعاني من هوس اقتناء الكتب ، وطبعا وفي نهاية الأمر أقوم بقراءتها جميعا في نهاية المطاف، ولكن هذا الكتاب له قصة مختلفة ، شدني عنوانه فقمت بشراءه مع مجموعة أخرى من الكتب ، كتاب كبير الحجم صفحاته تكاد تصل الألف وهذه كلها ميزات تحسب له ، وما أن جلست وبدأت بالقراءة حتى صدمتني الصفحة الأولى حيث أنني وجدته يتحدث عن موضوع من المواضيع التي لا تستهويني فقمت بإغلاقه ووضعته على رف المكتبة ، كان هذا منذ أربع سنوات ، واليوم اكتشفت بأنني لا أملك أي كتاب جديد ، وهذا أمر غريب ومستحيل أن يحدث لي ولكنه حدث بسبب انشغالي من ناحية وبعد المكتبات المختصة بالكتب من ناحية أخرى ، فنظرت له وكان وكأنه يتوسل لي بإعطائه فرصة أخرى ، فأنا عادة لا أحكم على كتاب من صفحة واحدة .
أمسكته بين يدي وقررت أن أعطيه فرصته التي ينشدها منذ سنوات ، وما أن تجاوزت عددا من الصفحات حتى شدني إليه بطريقة غريبة ، وأنهيته في زمن قياسي ، وطبعا هذا لا يعني بأنني أوافق على بعض ما ورد فيه فهذه قضية أخرى ، ولكن أسلوب الكاتب كان مثيرا من ناحية السرد والحوارات ، وتمكنه من الموضوع رغم صعوبته ولكنه أبدع وأجاد .
إن الحكم على كتاب من عنوانه أو من صفحاته الأولى فيه ظلم كبير ، للكتاب وللكاتب في أن معا .
وكذلك نحن البشر علينا التروي قبل أن نحكم على بعضنا البعض بما نراه من موقف واحد أو مما قد نكون سمعناه من أخرين ، إن التجربة هي خير برهان والمواقف والمحكات هي الحكم الفيصل للحكم على الأخرين ، فهناك من يرتدي ثوب الحمل ويخفي بداخله ذئب شرس ، القشور الخارجية لا تعني شيئا فما يهمنا هو الداخل ولا يعلم السرائر غير الله ، لذلك لا تحكم على كتاب من غلافه ولا على إنسان من مظهره وكلامه ، وأعط كل ذي حق حقه في الحكم .

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر محفوظة