جامعتي

تعديل المادة 69 من قانون العمل الأردني .. المركز العربي للأبحاث يدعو لضرورة التعديل

نظم المركز العربي للأبحاث في الفاتح من أكتوبر ندوة افتراضية في إطار مشروع “مناصرة”، والرامي إلى تقديم توصيات إلى صانعي القرار بالأردن وتونس والمغرب على شكل تعديلات لبعض القوانين، وذلك بهدف تمكين المرأة اقتصاديا وخلق مساواة في فرص العمل. وركزت الندوة التي تم نشرها على الموقع الرسمي للمركز، على تقديم قراءة مفصلة للمادة 69 من قانون العمل الأردني الصادر سنة 1996 مع عرض لورقة سياسات تقدم مقترحات من أجل تعديل هذه المادة بغية ضمان تحقيق مساواة في الفرص بين الرجل والمرأة في قطاع الشغل بالأردن.

وعرفت الندوة المعنونة ب “التمييز في العمل وحماية المرأة في الأردن، مقترح تعديل المادة 69 من قانون العمل الأردني” مشاركة كل من الدكتور نوح الهرموزي، مدير المركز العربي للأبحاث وأستاذ جامعي بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة المغرب، والدكتورة إكرام عدنني، عضو مؤسس للمركز العربي للأبحاث وأستاذة جامعية بجامعة ابن زهر بأكادير المغرب، والأستاذة لانا حنا سلامة، محامية بهيأة المحاماة بالأردن، والتي قامت بتقديم ورقة سياسات تحت عنوان “التمييز في العمل بناء على الجنس: نموذج المادة 69”.

استهلت الفاعلة الحقوقية الأردنية لانا حنا سلامة ورقتها بالحديث عن سياق نزول المادة 69 وصيرورة التنزيل والتطبيق التي رافقتها، بحيث أشارت إلى أن المادة المذكورة آنفا تمنح للوزير الصلاحية في تحديد القطاعات المسموح للمرأة العمل فيها أولا، والأوقات الزمنية المخصصة لذلك ثانيا. وفي نفس الإطار، عرضت المحامية لانا حنا سلامة القرارات الصادرة في سياق تتميم وتكميل تنزيل المادة التي تشترط إصدار وزير العمل لمرسوم لتطبيقها. ففي سنة 2010، أصدر وزير العمل آنذاك مرسوما وزاريا يحدد بشكل مفصل القطاعات الإنتاجية الممنوعة على النساء الأردنيات وغير الأردنيات العمل فيها. ويضم هذا المرسوم لائحة من القطاعات كالقطاع المنجمي وخاصة الأنشطة اليدوية بالأغوار واستخراج المعادن والحجارة تحت سطح الأرض، قطاع الصناعات ولحام المعادن، وقطاع صناعة المواد المتفجرة والمفرقعات والأعمال المتعلقة بها، وعمليات المزج والعجن في صناعة وإصلاح البطاريات الكهربائية، وشحن وتفريغ وتخزين البضائع في الأحواض والموانئ ومخازن الإيداع واستقبال صيانة السفن. بالإضافة إلى ذلك، أشار المرسوم الوزاري إلى أنه “لا يجوز تشغيل النساء ما بين الساعة العاشرة ليلا والسادسة صباحا” إلا في الأعمال المحددة حسب المادة 4 من القرار الوزاري. وتخص هذه الأنشطة كل من “العمل في الفنادق والمطاعم والمقاهي ودور الملاهي والمسارح ودور السينما ومراكز التسوق التجارية (المولات)، والعمل في المطارات وشركات الطيران والمكاتب السياحية، والعمل في المستشفيات والمصحات والعبادات والصيدليات، والعمل في نقل الأشخاص والبضائع بالطرق المائية والجوية والبرية، والعمل في مجال قطاع تكنولوجيا المعلومات والمهن المرتبطة بها”. وتضاف لهذه الأعمال كل من أنشطة “القيام بأعمال الجرد السنوي للمؤسسة وإعداد الميزانية والحسابات الختامية والاستعداد للبيع بأثمان مخفضة بشرط أن لا تزيد عدد الأيام التي تنطبق عليها أحكام هذه الفقرة على ثلاثين يوما في السنة وأن لا تزيد ساعات العمل الفعلية على عشر ساعات في كل يوم منها”، بالإضافة إلى الأعمال المتعلقة ب”القيام بأي عمل من أجل تلافي وقوع خسارة في البضائع أو أي مادة أخرى تتعرض للتلف أو لتجنب مخاطر عمل فني أو من أجل تسلم مواد معينة أو تسليمها أو نقلها بشرط أن لا تزيد عدد الأيام التي تنطبق عليها أحكام هذه الفقرة على عشرين يوما في السنة الواحدة”. ويشار إلى أن النسخة الأولى من المادة 4 قد منعت المرأة من العمل في هذه الميادين، في حين أن التعديل الأخير أضاف شرط موافقتها للسماح لها بالعمل فيها.

وفي سياق آخر، أشارت المحامية المتحدثة إلى أن هنالك نوع من التباين داخل المجتمع الأردني حول الموقف من تعديل المادة 69 يتأرجح بين معارض للتعديل، وبين مؤيد له، وبين طرح ثالث يسعى لحذف المادة بشكل كلي. وفسرت المحامية أن الموقف المعارض للتعديل هو موقف ينبني على أسس دينية نوعا ما. وحصرت المتحدثة أسباب الرفض في ثلاث نقط متعلقة باعتبار الأطراف المتبنية لهذا الطرح أنه “لا يجب وضع المرأة في ظروف عمل لا تراعي خصوصياتها ولا تتناسب مع طبيعتها وذلك من باب الحفاظ على المرأة وكرامتها”، “ولا يجوز للمرأة أن تعمل في أوقات متأخرة إلا في الحالات الاستثنائية كالتمريض والتطبيب”، ثم أن بعض المهن لا تناسب النساء وذلك لطبيعتها ولظروف العمل الخاصة بها. بالنسبة للطرح الثاني والذي يمثل موقف بعض النواب وفاعلي المجتمع المدني، أشارت الورقة إلى أنه يقترح إلغاء النص السابق واستبداله بفقرتين تنص الأولى على “حظر أي نوع من أنواع التمييز بين العاملين والذي من شأنه إبطال او إضعاف مبدأ تكافؤ الفرص أو المعاملة في فرص العمل أو المهنة”. أما الفقرة الثانية فتشير إلى أن “على وزير العمل إصدار التعليمات اللازمة لحماية المرأة الحامل والمرضع والأشخاص الذين يؤدون عملا ليليا”. وبخصوص الطرح الأخير والمتعلق بالحذف الكلي للمادة، فهو يمثل التوجه الحكومي والمتبنى من طرف المملكة الأردنية الهاشمية.

وخلصت الورقة إلى أن تعديل أو حذف المادة 69 من قانون العمل الأردني سيمكن من تقليص الفوارق بين الجنسين على مستوى سوق الشغل كما سيساعد على تقليص نسبة البطالة بالأردن وذلك عن طريق فتح الباب أمام النساء لولوج متساو لسوق الشغل واستغلال الفرص المطروحة به.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر محفوظة