العالم من حولي

محمد ثروت يكتب بدائل استراتيجية” لإنقاذ مصر من أزمة سد النهضة وندرة المياه.

“بدائل استراتيجية” لإنقاذ مصر من أزمة سد النهضة وندرة المياه.

كتب: محمد ثروت

يعتبر ملف المياه من أهم التحديات التي تواجه مصر، حيث انخفض متوسط توافر المياه العذبة للفرد المصري من 1800 م3 عام 1959 إلى حوالي 900 م3 عام 2000وصولاً إلى 700 م3 عام 2012. وحتى الآن وصل نصيب الفرد إلي أقل من 600 م3 سنويًا،وبالطبع هذا مؤشر غير جيد، خاصة بعد إعلان الأمم المتحدة ان خط الفقر المائي أصبح مقدراًب1000 م3 سنويًا للفرد. ومن المؤكد أن العجز المائي سوف يكون له تداعيات سلبيةعلى الزراعة التي تشكل 20% من الناتج المحلي الإجمالي، وحوالي 13% من إجمالي الصادرات. بالإضافة إلى أن شح الموارد المائية قد يزيد من أزمة الإعتماد على المحاصيل المستوردة، حيث وصل حجم استيراد المحاصيل الزراعية إلي 494.5 مليون دولارفي عام 2017. كذلك من المتوقع أن يواجه قطاع الصناعة معضلة نظراً لزيادة الاحتياجالمائي من 2.2 مليار م3 عام 2000 إلى 5.4 مليار م3 عام 2015. وفي هذا لصدد، من الضروري أن تتجه الحكومة الى بدائل واستراتيجيات فعالة للحد من الآثار السلبيةلندرة المياه، خاصة أن أجندة 2030 تهدف إلى دعم الصناعة المصرية، فمن المتوقعأن يزداد معدل النمو الصناعي بحوالي 8%، إذا تم استغلال المواردالمائية بشكل فعال.بناء علي ذلك تهدف هذه الرؤية البحثية إلى تسليط الضوء على بعض التوصيات لتعظيم استفادمصرنا الحبيبة من كل قطرة مياه.

معالجة المياه العادمة

أشارت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة” الفاو” أن المياه العادمة أو مياه الصرفالصحي إن تم استغلالها بشكل فعال، من الممكن أن يكون لها تبعات إيجابية على قطاع الزراعة والصناعة. وفي هذا الصدد قامت أكثر من 50 دولة بإتباع نظام معالجةمياه الصرف الصحي، مثل بريطانيا والمكسيك واسبانيا، محققة نجاحات غير مسبوقة،حيث أضافت منظمة الفاو أن حوالي 10% من الأراض الزراعية في العالم يتم ريهابمياه الصرف الصحي. وعلى الرغم من قيام الحكومة المصرية بمشروعات لمعالجة المياه العادمة- التي قد تصل نسبتها إلى 7 مليار م3، إلا أنها لم تنجح في استغلال أكثر من0.7 م3 سنويًا.ويدفعنا ذلك للتساؤل: كيف يمكن أن نعظم فائدتنا من مياه الصرف الصحي؟

أكدت منظمة الصحة العالمية أن مياه الصرف الصحي من الممكن استخدامها في ري جميعالمحاصيل الزراعية إذا توافقت مع المعايير الدولية. بناء على ذلك يجب أن تحتوي”اقل من 1000 وحدة بكتيريا لكل 100 مللتر وإذافشلنا في تحقيق هذه المتطلبات، فمن الممكن استخدام المياه العادمة في واحدةللتر”ري بعض المحاصيل غير الغذائية مثل القطن والكتان، كما يمكن استغلالها في المحاصيل التي تتعرض إلى الحرارة قبل استخدامها مثل الحبوب،والبذورالزيتية،وبنجرالسكر.علاوة على ذلك، من الجائز ايضاً استخدام مياه الصرف الصحي في إنتاج السماد والاعلاف إضافةإلي ذلك، تستطيع مصر أن تكون دولة مصدرة للاخشاب، ومن الجائز ان نوفر حوالي مليار دولار سنويًا، ان قامت الدولة باستغلال مياه الصرف الصحي في ري الأشجارالخشبية بهدف تقليل الإعتماد على الخشب المستورد، ولصناعة الأثاث محليًابكلفة مالية غير باهظة، خاصة ان ذلك القطاع يواجه ازمة حقيقية في الآونة الأخيرة نظراً، إلي ارتفاع اسعار االخشاب المستوردة، والتي بالطبع أدت إلي ارتفاع أسعار الاثاث أيًضاً.معالجة المياه المالحةتتجه العديد من الدول مثل الإمارات والسعودية إلي الإعتماد على تحلية مياه البحركمورد غير تقليدي للمياه، ولهذا السبب نشجع الحكومة المصرية على استكمال مشاريع ومحطات تحلية المياه. ويدفعنا ذلك للتساؤل: كيف نستغل المياه المالحة؟ وماهي التداعيات الزراعيةوالصناعية؟ ؟ تستخدم المياه المالحةالمعالجة في مناطق البحر الأحمر والساحل الشمالي بشكل ملحوظ،حيث يتم استهلاك حوالي 18،000 ألف م3/يوم من المياه المحالة في الساحل ، بينما يتم استخدام 5000 مترم3/يوم في سيناء. وبشكل عام، يستهلك قطاع السياحة حوالي 30.000 متر مكعب من المياه المالحة يوميًا في الشرب والاستهلاك اليومي..ودون شك، من الممكن أيضاً استغلال المياه المعالجة في قطاع الصناعة ،خاصة صناعةالأسمدة والمنسوجات، أما في قطاع الزراعة، من الجائز استخدام المياه المحالة في زراعةالبنجر،والسبانخ،والبصل،والقمح ،والطماطم،والقطن.المياه الجوفيةتعتبر المياه الجوفية من أهم موارد المياه العذبة في العالم، خاصة في مصر، التي تستغل حوالي6 مليار م3 سنويًا، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة إلى 7.5 مليار متر مكعب،اذا تم استخدام هذا المورد الاستراتيجي بشكل فعال.وبالفعل اتجهت الحكومة المصرية إلى إنشاء مشروعات لتعزيز الإنتاج الزراعي في مصر، خاصة مشروع “المليون ونصف فدان” الذي تعتمد فيه الزراعة على المياه الجوفيةبحوالي 88%. ومن جانبه، أكد معهد دراسات المياه الجوفية بالفرافرة أنه من الممكن استغلال 380 مليون متر مكعب سنويًا من المياه الجوفية في المنطقة لزراعة أكثرمن 100 ألف فدان.وعلى الرغم من المجهودات المستمرة، إلا أننا نطالب بالتوسع في تلك المشاريع حيث تم اكتشاف خزان مياه جوفية في منطقة العوينات- المتواجدة في جنوب غرب مصر- يكفي لزراعة250 ألف فدان لمدة 100 عام، والذي من الممكن أن يغطي ثلث احتياج جمهوريةمصر العربية من القمح.

ومن المتفق عليه أيضاً أن مياه الأمطار تعتبر من انقى انواع المياه، نظراً لكونها خالية من الأوساخ والمعادن والأملاح. بناء علي ذلك، قامت الحكومة المصرية ببعض المشاريع من أجل حصاد مياه الأمطار. فبحسب تقارير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، فإن حصيلةمياه الأمطار في مصر قد تصل إلى 51 مليار متر مكعب في السنة، وعلى الرغم من ذلك، لم تنجح مصر في استغلال أكثر من 1.3 مليار متر مكعب. لذلك نشجع الحكومةبالتوسع في مشاريع حصاد مياه الامطار، والمزودة بأجهزة استشعار تجعلها تتنبأ بالأوقات التي تهبط فيها الأمطار، حيث تقوم بالفتح التلقائي وتغلق فور انتهاء السيول. كذلك تعتمد مدينة كولومبس على هذا النوع من البالوعات التي لا تحتاج إلى كلفة مالية باهظة او تكنولوجيا عالية الجودة، فقط ماتحتاجه هو تصميم هندسي بسيط.وفي هذا الصدد، نطالب بتوطيد العلاقات مع منظمات المجتمع المدني مثلEgypt’s water Save، والتي ستلعب دوراً في نشر الوعي وإقناع عامة الشعب بمشروعات حصاد مياه الأمطار، ومعالجة مياه الصرف الصحي،وتحلية مياه البحار، واستغلال المياه الجوفية، حيث يتوقف نجاح هذه الاستراتيجيات على مدى التقبل المجتمعي المصري.كما، نطالب بوضع لوائح و قوانين أكثر صرامة لقطاع الزراعة والصناعة وكذلك ترشيدالاستهلاك اليومي للمنازل للحد من الآثار السلبية لندرة المياه حال أصبح من الضروري التطرق إلى هذه البدائل لحل أزمة المياه في مصر، والتي سوف يكون لها تداعيات إيجابية على قطاع الزراعة والصناعة والسياحة. كما نطالب بوضع قوانين أكثر صرامة لترشيد الاستهلاك في تلك القطاعات، وبالطبع نفضل تقنين استخدام المياه في المنازل، حيث يتوقف نجاح هذه المشروعات على مدى وعي المجتمع المصري بأهمية المياه، والكوارث التي سوف نواجهها، إن صابت التوقعات بأن مصرسوف تدخل خط الفقر المائي في السنوات القادمة.

حفظ الله مصر وشعبها

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر محفوظة