قلم حر

عُقدة سندريلا.

سندريلا، فتاةٌ جميلة، تستطيع العمل بجدٍ و اتقان، إضافةً إلى أنها ذات شخصية صادقة و محبة. فما السبب الذي قد يمنع فتاة تتمع بهذه الصفات من الاعتراض على سوء المعاملة التي تلقتها من زوجة أبيها و ابنتيها، قبل ظهور الأمير على حصانه الأبيض لينقذها من جحيم حياتها المأساوية؟ هذا، و أكثر، هو ما ناقشته الكاتبة و المعالجة النفسية الأمريكية كوليت داولينغ، في كتابها عقدة سندريلا: خوف النساء الخفي من الاستقلال، عام 1981.

و تعرف عقدة سندريلا بأنها رغبة لاشعورية لدى الفتاة في أن تكون موضع اهتمام و رعاية لدى الآخرين، كما و تزداد وضوحًا مع التقدم في العمر. حيث تعيش الفتاة معظم حياتها مع والدين يلبون احتياجاتها و يتحملون مسؤوليتها، و في ظل ظروف تبرمجها على فكرة أنها بحاجة إلى شخص يساعدها و يحميها ما يجعل الفتاة تنشئ ضعيفة الثقة بالنفس، و غير قادرة على تحمُّل مسؤولية نفسها. و تشجع الأنثى على أنّ زوجها هو من سيلبي حاجاتها و يساعدها من بعد والديها.

كما و يلعب الإعلام دورًا مهمًا في ترسيخ هذا المفهوم في عقول الفتيات، إذ تظهر الفتاة غالبًا، في الأفلام و المسلسلات، على أنها الشخصية الضعيفة العاجزة و التي لا تستطيع تقويم حياتها و تلبية احتياجاتها دون وجود رجل إلى جانبها. و بسبب اعتقاد الفتاة بأنها ليست قادرة على تحمل مسؤولية نفسها؛ فإنه يتشكل لديها نظرة غير راضية عن حياتها و تبقى بانتظار الشخص الذي سيقوم بمساعدتها و حل مشكلاتها بدلًا منها و يجعل حياتها مثالية -باعتقادها-.
إنَّ لهذه العقدة النفسية عددًا من الآثار السلبية على شخصية الأنثى، منها: فقدان القدرة على الإبداع و القيادة؛ حيث تكون الفتاة أكثر راحة و هي مرؤوسة، الافتقار إلى الثقة بالنفس و عدم الاعتراف بقدراتهنّ حيث ينسبنَّ أي نجاح ينجزنّه مهما كان بسيطًا إلى الحظ و المجهود الكبير. بالإضافة إلى عدم ثقتهنَّ في بنات جنسهنَّ، إذ يرفضنَّ الاعتراف بالنساء كقائدات و ذوات مناصب رفيعة، كما و يتكون لدى هذه الفتيات خوف من النجاح، حيث يعتقدنَّ أنّ فرصهنَّ في الزواج و تكوين عائلة ستقل و ربما تنعدم بسبب النجاح و الاستقلال. و الأهم من هذا و ذاك، هو ظلم النفس بالبقاء مع شريك غير مناسب في علاقة غير صحية، بسبب الاعتماد المادي على الشريك أو الخوف من البقاء دون رجل، من مبدأ (ظل راجل ولا ظل حيطة).

بالمختصر، فإن الأهل و المجتمع و الإعلام يلعبون دورًا مهمًا، ولو كان غير مقصود، في ترسيخ عقدة سندريلا و الضعف الذي ينمو لدى الفتيات منذ سنٍ صغير. في حين أن الأجدى هو تنمية الثقة بالنفس و الاعتماد على الذات لديهن. و أيضًا، السماح للفتيات بخوض تحديات و تجارب جديدة تصقل عقولهن و شخصيتهن، و ذلك لضمان حياة ملائمة و مناسبة لهن دون الحاجة للاعتماد على أحد.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر محفوظة