العالم من حولي

إذا اختفى القمر..

يقول مات سيجلر ، عالم في وكالة ناسا الفضائية : ” نحن محظوظون للغاية بوجود القمر هناك، لأنه وجهة يسهل الذهاب إليها، إنه يحفزنا”. إن وجود القمر في السماء ألهم العديد من الشعراء و المفكرين لكتابة العديد من الروائع على مر التاريخ. ولكن هل للقمر فوائد أخرى؟ و ماذا يمكن أن يحدث إذا اختفى القمر؟
يساعد القمر على توجيه التيارات المحيطية، حركة المد و الجزر، حركة الغلاف الجوي و المناخ و ميلان محور كوكب الأرض. كما أن القمر قدم إلينا الكثير من المعلومات على الصعيد العلمي مثل أصل الكواكب، كيفية تشكل الكواكب الأخرى و كيف انقرضت الديناصورات.

يقوم التأثير الثقالي للقمر بتحريك مياه المحيطات ما يُنتج ظاهرة المد و الجزرو باختفاء القمر فإن هذه الظاهرة ستتباطأ إلى حوالي ثلث السرعة الأصلية، ما يؤدي إلى تغيير كبير في الأنظمة البيئية الساحلية ، تدمير عدد كبير منها ، اضطرابات في تدفق المياه، الطاقة ، المواد المعدنية و غيرها من الموارد التي تستفيد من ظاهرة المد و الجزر.
كما أن العديد من الكائنات، مثل : السرطانات، البزاقات، المحار، نجم البحر، الأعشاب البحرية و الطحالب ، تعتمد على الحركة المستمرة للمياه و التي يسببها المد و الجزر في بقاء هذه الكائنات ، و بما أن هذه الكائنات تشكل غذاء للطيور المهاجرة وبعض الثدييات البرية مثل الدببة ، الراكونات و غيرها ما يجعلها معرضة للانقراض. و قد نشرت مجلة Journal of Animal Ecology عام 2013 أن بعض الحيوانات الليلية تستفيد من وجود القمر، حيث تعتمد على التسلل في الظلام بوجود شيء من ضوء القمر للصيد و العثور على الطعام ، و لهذا و بعدم وجود القمر فإن هذه الكائنات أيضاً معرضة للانقراض.

اختفاء القمر يؤثر أيضاً على الطقس في العالم، حيث أن حركة المد و الجزر تقوم بتحريك أنماط الطقس و توزيع المياه الدافئة و الهطولات المطرية على أنحاء الكوكب، و من دونها تصبح درجات الحرارة أقل اعتدالاً و تكون الأحداث الطقسية عنيفة على الأرض.

لعل أول التغيرات التي سنلاحظها في حال اختفاء القمر، هو حقيقة أن الليالي ستصبح أكثر عتمة بسبب كون سطح القمر يعكس ضوء الشمس ما يساعد على إضاءة الطرقات و الأماكن التي لا توجد فيها أضواء اصطناعية ، مثل الغابات و مواقع التخييم. إن القمر مسؤول ، أيضاً، عن عدد ساعات اليوم ، و يتوقع شوبهام بهاناركار – مهندس كهرباء هندي – أن الأرض ستدور أسرع بدون وجود التأثير الثقالي للقمر ما يجعل عدد ساعات اليوم الواحد ما بين 4 – 6 ساعات بدلاً من 24 ساعة. و بما أن القمر هو خط الدفاع الأول للأرض فإن اختفائه سيجعل الأرض أكثر عرضةً لارتطام اشياء و أجسام من الفضاء بها.

إن عدم وجود القمر يجعل الحياة شبه مستحيلة على الأرض أو أي كوكب آخر ، حيث أن الكواكب تحتاج لأقمار لتكويّن منظومة مناخية ملائمة لإنشاء حياة على سطحها. لحسن الحظ فإنه لا توجد أي مؤشرات على اختفاء القمر في وقت قريب ، ما يتيح لنا ما يكفي من الوقت و الفرص للتأمل فيه و في تأثيراته على حياتنا على سطح هذا الكوكب فيزيائياً و عاطفياً.

التعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر محفوظة