كتب وشِعر

مراجعة كتاب: أنشودة المقهى الحزين

أنشودة المقهى الحزين

للكاتب: كارس ماكالرز.

أن تقرأ ما يشبه فكرة المثل: “يوم لك و يوم عليك”.

أحداث الرواية بدت مشوشة في البداية، و متسلسلة بنفس الوقت، حاول أن تربط القراءة بالصور داخل دماغك لئلا يفوتك مشهد من الصورة المتحركة، متعددة الأوجه، لتدرك كيف لعبت الشخصيات الرئيسية أدوارها بإتقان و بدون توسع في دراسة علم النفس، وسط سلسلة من العواطف مثل الخبث، الحيلة، التذاكي، التجاوز، العطف، الشفقة، الخذلان و الهزيمة، يمكن للجميع في الحياة أن يمتلك مقهى/صورة تشبيهية لأي شيء او شعور آخر، يتحول مع الزمن لأكثر الأماكن مرح و طاقة حيوية، و بدون حساب ولا سابق إنذار يتدمر، فيمضي مع الريح في العدم كأنه لم يكن، أو يُذكر مثل مقدمة قصة تبدأ بـ: كان يا ماكان..

أميليا، لم تخدع أحداً، ولم تجامل في مشاعرها، يمكن لطبيعة هيأتها المساعدة في تكوين شخصية قوية، تفرض سيطرتها، لكنها كانت لها صفاتها الرحيمة و رغبتها بمشاركة الآخرين هموهم و أفراحهم، كانت كأي شخص عادي يعيش حياته بطريقة عادية. أما مارفن ميسي، المختل، المحتال، نشأته الأولى كان بالإمكان أن تكون سليمة و تحت السيطرة – للمرأة الي عهدت تربيته مع أخيه و هم أيتام صغار – لكن على عكس صفات أخيه الهادىء و المسالم، كان مارفن تحت تأثير نفسي، و حالة تشتت، و صور طفولته توضح سبب إعتلاله الأخلاقي.

و لما وقع للمرة الأولى في حب – إميليا – كان راغباً إليها، و كانت تصد عنه لعدم رغبتها إليه، و قصة زواجهم الغريبة و التي استمرت لحدود عشرة أيام، كانت عبارة عن علاقة غير مرغوب فيها منذ البداية و إنفصالهم كان فكرة سديدة، الا أن مارفن، اختار طريقه للإنتقام و رد إعتبار لجبروت كرامته. أما الأحدب -لايمن ويليس- المحتال الأكبر في القرية الصغيرة الي نزل إليها، إنه شيطان بحد ذاته، فلا تعاطف مع حالته الصحية، متواطئ/متعاون قذر مع مارفن و لما اتحدت رؤوس الشر هنا كانت المصيبة. وصولاً لنهاية المقهى، و التسمم، و الموت، و العراك الغير متكافئ، و الغدر الصريح لأميليا كان وقعه صعب و ثقيل، و حتى شعور إغلاقك للصفحة الأخيرة للكتاب يكفي أن تقول: كان يامكان كان هناك مقهى.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر محفوظة