العالم من حوليمجتمعي

كيف نجعل بلادنا أسعد؟ دروس من تقرير السعادة العالمي


كيف نجعل بلادنا مكانًا يمكن للجميع أن يكونوا فيه سعداء ويتمتعوا؟

هذا هو السؤال الذي يطرحه الكثير من الناس في عصرنا الحالي، الذي أصبح فيه العالم أكثر من أي وقت مضى مكانًا منقسمًا ومتصارعًا. فنحن نشهد صراعات ونزاعات بين الدول والشعوب والأديان والثقافات، ونرى تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، ونشعر بالقلق والخوف والإحباط من المستقبل.

ولكن هل هذا هو الوضع الذي نرضى به؟ أم أن لدينا الإرادة والقدرة على تغييره؟ أم أن لدينا رؤية وأمل لبناء مجتمعات أكثر سعادة وسلامًا وتعاونًا؟

في هذه المقالة، سأحاول الإجابة على هذه التساؤلات، وسأقدم بعض الأفكار والمقترحات عن كيفية جعل بلادنا مكانًا يمكن للجميع أن يكونوا فيه سعداء ويتمتعوا. سأستخدم بعض المصادر الموثوقة التي تتحدث عن هذا الموضوع، وسأشارك بعض الخبرات والتجارب الشخصية التي عشتها أو سمعت عنها. وسأحاول أن أكون موضوعيًا ومنصفًا ومحايدًا قدر الإمكان،

ما هي السعادة؟

هذا هو السؤال الذي يبدأ به كل بحث عن السعادة. فالسعادة هي مفهوم مجرد ومتغير، يختلف من شخص لآخر، ومن ثقافة لأخرى، ومن زمن لآخر. لا يوجد تعريف واحد أو موحد للسعادة، بل هي تجربة شخصية وذاتية، تعتمد على عوامل كثيرة ومتنوعة.

ولكن رغم ذلك، هناك بعض المحاولات العلمية والفلسفية لتحديد ماهية السعادة، وكيفية قياسها وزيادتها. فمنذ العصور القديمة، كان الفلاسفة يتساءلون عن سبب وجود الإنسان، وما هي الغاية التي يسعى إليها. وقد اختلفوا في إجاباتهم، فبعضهم قال إن السعادة هي في التقرب من الله، أو في اتباع الفضيلة، أو في تحقيق المنطق، أو في تلبية المتعة.

وفي العصور الحديثة، بدأ العلماء يستخدمون المنهج التجريبي والإحصائي لدراسة السعادة. فقاموا بإجراء استطلاعات واختبارات نفسية على عينات كبيرة من الناس، لمعرفة مستوى سعادتهم، والعوامل التي تؤثر عليها. وقد اكتشفوا بعض المؤشرات والصيغ التي تساعد على تحديد وتحسين سعادة الأفراد والجماعات.

ولكن ما هي هذه المؤشرات والصيغ؟ وكيف يمكن استخدامها لجعل بلادنا مكانًا يمكن للجميع أن يكونوا فيه سعداء ويتمتعوا؟

ما هي عوامل السعادة؟

هذا هو السؤال الذي يتبعه كل بحث عن السعادة. فما هي العوامل التي تجعلنا سعداء أو تحرمنا من السعادة؟ وهل هي نفسها لكل الناس والدول، أم أنها تختلف باختلاف الظروف والمستويات؟

للإجابة على هذا السؤال، يمكننا الاستعانة ببعض التقارير والدراسات التي تقوم بقياس وتصنيف سعادة الدول والشعوب في العالم. أشهر هذه التقارير هو تقرير السعادة العالمي، الذي يصدر سنويًا من قبل شبكة حلول التنمية المستدامة، وهي مبادرة عالمية تضم خبراء وأكاديميين ومنظمات من مختلف المجالات.

يقوم تقرير السعادة العالمي بتقييم سعادة 156 دولة، بناءً على ستة عوامل رئيسية، هي:

  • مستوى المعيشة: وهو يقاس بالدخل القومي للفرد، وهو مؤشر اقتصادي يعبر عن قيمة ما ينتجه مجتمع من سلع وخدمات في سنة محددة. كلما زاد دخل الفرد، كلما ازدادت قدرته على تأمين احتياجاته الأساسية والإضافية.
  • صحة الحياة: وهي تقاس بالتوقعات الصحية للحياة، وهو مؤشر صحي يعبر عن متوسط عدد السنوات التي يتوقع أن يعيشها شخص ما في حالة صحية جيدة. كلما زادت التوقعات الصحية للحياة، كلما ازدادت فرصة الشخص للاستمتاع بحياته.
  • دعم اجتماعي: وهو يقاس بإجابات المشاركين على سؤال: هل لديك شخص يمكنك الاعتماد عليه في أوقات الضيق؟ هذا السؤال يعبر عن مدى توافر شبكة من الأصدقاء والأقارب والجيران، التي تقدم للشخص المساندة والرعاية والثقة.
  • حرية الاختيار: وهي تقاس بإجابات المشاركين على سؤال: هل لديك حرية في اختيار ما تفعله في حياتك؟ هذا السؤال يعبر عن مدى قدرة الشخص على اتخاذ قراراته بشأن حياته، دون تدخل أو قيود من جهات خارجية.
  • ثقة المجتمع: وهي تقاس بإجابات المشاركين على سؤال: هل تعتقد أن معظم الناس يمكن الوثوق بهم؟ هذا السؤال يعبر عن مدى انتشار الأمانة والنزاهة والشفافية في المجتمع، ومدى قلة الفساد والغش والاحتيال.
  • كرم المجتمع: وهو يقاس بإجابات المشاركين على سؤال: هل تبرعت بالمال لمنظمة خيرية في الشهر الماضي؟ هذا السؤال يعبر عن مدى انتشار العطاء والتضامن والتعاطف في المجتمع، ومدى قدرة الناس على مساعدة الآخرين.

وبناءً على هذه العوامل، يحصل كل بلد على درجة من 0 إلى 10، تعبر عن مستوى سعادة شعبه. وبناءً على هذه الدرجات، يتم ترتيب البلدان من الأسعد إلى الأقل سعادة.

ولكن ما هي نتائج هذا التقرير؟ وما هي أسعد وأقل دولة سعادة في العالم؟ وأين تقع بلادنا في هذا التصنيف؟

ما هي نتائج تقرير السعادة العالمي؟

هذا هو السؤال الذي يتبعه كل بحث عن السعادة. فما هي الدول التي تحتل المراكز الأولى والأخيرة في تصنيف السعادة؟ وما هي العوامل التي تميزها عن بعضها البعض؟ وما هو موقف بلادنا من هذا التصنيف؟

للإجابة على هذا السؤال، يمكننا الرجوع إلى آخر تقرير صدر في عام 2021. وفقًا لهذا التقرير، فإن أسعد دولة في العالم هي فنلندا، التي حصلت على درجة 7.842 من 10. وتليها دنمارك، وسويسرا، وآيسلندا، وهولندا، في المراكز الخمسة الأولى. وفي المقابل، فإن أقل دولة سعادة في العالم هي أفغانستان، التي حصلت على درجة 2.523 من 10. وتليها زيمبابوي، ورواندا، وبوتسوانا، وليسوتو، في المراكز الخمسة الأخيرة.

ولكن ما هي الأسباب التي تجعل هذه الدول أكثر أو أقل سعادة من غيرها؟ هل هي مرتبطة بالثروة أو الصحة أو الديمقراطية؟ لنحاول تحليل بعض العوامل التي تؤثر على سعادة الدول.

  • مستوى المعيشة: يبدو أن هذه العامل له دور مهم في تحديد سعادة الدول. فالدول التي تحتل المراتب الأولى في التصنيف تتمتع بدخل قومي عالٍ للفرد، يمكنه من شراء ما يحتاجه من سلع وخدمات. كما أن هذه الدول تستثمر في مجالات مثل التعليم والبحث والابتكار، مما يزيد من قدراتها التنافسية والإنتاجية. وفي المقابل، فإن الدول التي تحتل المراتب الأخيرة في التصنيف تعاني من فقر شديد وتدهور اقتصادي، يحرم سكانها من حقوقهم في حياة كريمة.
  • صحة الحياة: يبدو أن هذا العامل أيضًا له دور مهم في تحديد سعادة الدول. فالدول التي تحتل المراتب الأولى في التصنيف تتمتع بصحة جيدة لشعوبها، نتيجة لوجود نظام صحي فعال وشامل، يقدم خدمات طبية ووقائية لجميع المواطنين. كما أن هذه الدول تستفيد من بيئة نظيفة وخالية من التلوث، مما يحميها من الأمراض والأوبئة. وفي المقابل، فإن الدول التي تحتل المراتب الأخيرة في التصنيف تعاني من صحة سيئة لشعوبها، نتيجة لعدم وجود نظام صحي كافٍ ومتاح، يترك الكثير من المواطنين بدون رعاية طبية. كما أن هذه الدول تتأثر ببيئة ملوثة ومهددة، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض والموت المبكر.
  • دعم اجتماعي: يبدو أن هذا العامل أيضًا له دور مهم في تحديد سعادة الدول. فالدول التي تحتل المراتب الأولى في التصنيف تتمتع بدعم اجتماعي قوي لشعوبها، نتيجة لوجود علاقات اجتماعية متينة ومستقرة، تربط بين أفراد الأسرة والأصدقاء والجيران. كما أن هذه الدول تشجع على التضامن والتعاون بين مختلف فئات المجتمع، مما يزيد من شعورها بالانتماء والثقة. وفي المقابل، فإن الدول التي تحتل المراتب الأخيرة في التصنيف تعاني من نقص في الدعم الاجتماعي لشعوبها، نتيجة لضعف أو انقطاع العلاقات الاجتماعية، التي تؤدي إلى شعور بالوحدة والعزلة. كما أن هذه الدول تشهد صراعات ونزاعات بين مختلف فئات المجتمع، مما يزيد من شعورها بالخوف والكراهية.
تصنيف الدوليالعلامة من 10الدولة
276.42الامارات العربية المتحدة
286.41السعودية
356.23البحرين
416.11الكويت
515.8قطر
625.53تركيا
755.36المغرب
775.34الجزائر
954.95العراق
1014.82ايران
1074.75مصر
1114.63الاردن
1453.94لبنان
Happiness index by country, around the world | TheGlobalEconomy.com

 أظهرت بعض الأمثلة على الدول التي تحتل المراتب الأولى والأخيرة في التصنيف، وبعض الأسباب التي تجعلها كذلك. كما أظهرت موقف بلادنا من هذا التصنيف، وبعض التحديات والفرص التي نواجهها في زيادة سعادتنا.

أتمنى أن تكون هذه المقالة قد أضافت إلى معرفتكم وثقافتكم، وأن تكون قد أثارت اهتمامكم بموضوع السعادة. فالسعادة هي حق لكل إنسان، وغاية لكل مجتمع. لكنها ليست شيئًا يأتي من تلقاء نفسه، بل هي شيء يجب أن نسعى إليه بجهد وإرادة. فلا يكفي أن نكون غنيًا أو صحيًا أو حرًا، بل يجب أن نكون عادلًا وصادقًا وكريمًا. فلا يكفي أن نكون سعداء بأنفسنا، بل يجب أن نكون سعداء مع الآخرين.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر محفوظة