العالم من حولي

أفغانستان ..مابعد خروج الأمريكان

لم يكن اشد المتشائمين يتوقع انهيار السلطة الشرعية في افغانستان بمثل هذه السرعة بنفس الدرجة التي لم يتوقع بها هؤلاء أن تقوم الولايات المتحدة الامريكية التي ظلت تدعي مقاومة الارهاب في افغانستان لمدة 20 عاما تقريباً ، أن تقوم بتسليم السلطة هكذا بمنتهى البساطة الى طالبان أضف على ذلك العديد من الغنائم التي اضحت بيد طالبان تتمثل في طائرات حديثة و راجمات صواريخ و مدرعات و عدد ضخم من الاسلحة الخفيفة و المتوسطة.

مشهد الطائرة الامريكية التي كانت تحاول الاقلاع من مطار كابل و يركض حولها الالاف من ابناء الشعب الأفغاني محاولاً التعلق بأي مكان في الطائرة من الخارج طبعاً فنرى هذا متعلقاً بذيل الطائرة و الاخر يجلس فوق العجلات و آخر مازال يركض باحثاً عن أي مكان يتعلق به هرباً من مصير مجهول لبلد تتقاذفه المشكلات و تطجنه الحروب و تتلاعب به أجهزة استخبارات الدول العظمي ، لا اعتقد ان رجل الشارع الأفغاني على علم بما حدث و لا لماذا حدث و لماذا هرب رئيس البلاد و استسلم قادة الجيش أو هربوا من المواجهة ، هل هم مؤمنون فعلاً بقوة حركة طالبان و قوتها و قدرتها على قيادة سفينة البلاد فآثروا السلامة و فضلوا الانسحاب ، أم تأكدوا من خسارتهم للمعركة قبل ان تبدأ لعلمهم التام بدعم القوي الخارجية و بخاصة الولايات المتحدة للحركة!!

أغلب الظن ان الهدف هو إعادة خلط الأوراق و خلق بؤرة اضطراب جديدة في العالم بعد ان هدات نسبياً ثورات الربيع العربي و استقرت الاوضاع الى حد ما في ليبيا و تونس و استمر حكم بشار الاسد في سوريا و تلاشى الامل في زحزحته عن الحكم و احتفاظ الدول التقليدية باماكنها مثل مصر و السعودية و الجزائر و المغرب و تماسك الخليج الظاهري نتيجة عدم سقوط المملكة السعودية و محاولات العراق الدؤوبة للتماسك و العودة مجدداً.

و يتضح من هذا ان الهدف هذه المرة هو تثبيط روسيا عالمياً من خلال عودة انشغال روسيا بالحركات المتطرفة في اسيا والتي من الممكن ان تتخذ من بعض جغرافية المنطقة سواء في روسيا او خارجها اساساً لها للانطلاق وضرب المصالح الروسية اينما حلت وارتحلت هناك و في نفس الوقت لا مانع من مناوشة الصين و تشتيت تركيزهم و تهديد مصالحهم التاريخية مع باكستان و افغانستان حيث سيتم تصعيد قضية مسلمي الايجور من قبل حركة طاليان و دعمهم من الخارج بشكل لن تقبله الصين.

انا ماحدث في افغانستان لهو خير مثال على اهمية ان يضع القادة مصلحة بلدانهم فوق كل اعتبار فلا وجود لعدو دائم او صديق دائم فالمصالح تتحكم في جميع هذه المسميات كذلك لاتوجد عند المصالح خطوط حمراء فالجميع مقدسون والجميع منبوذون بنفس الوقت والجميع ايضاً ممكن التعامل معهم حسب ما موجود على الارض والجميع ممكن التخلي عنهم حسب المعطيات التي من شانها ان تساهم في ارجحة المصالح الدولية . فهذه دعوة صادقة لجميع القائمين على الامر بضرورة ترجيح القرارات والمصالح الوطنية وعدم التشبث بمشاريع قد تنتهي بطرفة عين .

كالعادة الامور مُخطط لها من الخارج من زمن ليس بالقصير هم يعلمون جيدا ما يفعلون و يعلمون جيدا ماهي الخطوة القادمة و متى تتم ، اما نحن فيبدو أننا تفاجئنا كالعادة و افقدتنا المفاجأة النطق فمازلنا غير قادرين على الاستيعاب ، أرجو أن نلملم شتات انفسنا بسرعة لأن الوقت يداهمنا وهذه المرة يمكن أن تدهسنا عجلاته.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر محفوظة