العالم من حوليمأكولات ومطاعم

ومضة في تاريخ التوابل

ومضة في تاريخ التوابل

مع اكتشاف البهار والتوابل فقد تغيرت والى الأبد عادات الأكل والطعام لدى معظم شعوب العالم وربما جميعها.

هذه السلعة الثمينة جعلت العالم في فترة من الفترات في مواجهات ضارة بل وكارثية نتيجة التنافس في السيطرة عليها.

من بين هذه التوابل الزعفران والكزبرة والكمون والزنجبيل والهال وجوزة الطيب والفلفل والقرفة وأيضا السوائل المعطرة مثل ماء الورد وزهرة البرتقال والرمان استحوذت هذه المجموعة من المنكهات على فكر وذائقة أي شخص أوروبي عندما قارنها مع طعامه المعتاد فتولد لديه شغف كبير فيها.

أساطير وشائعات ظهرت حول التوابل:

من تذوق هذه المنكهات في طعامه وطاب له مذاقها وتعلق بها فكان يسمع عنها الحكايا والآساطير فكان يظن أنها من عبير الجنة أو الفردوس مثل القرفة على سبيل المثال.

فقد كتب فريد كزارا في كتابه – التوابل التاريخ الكوني- “أوحت التوابل بفكرة أن النباتات الغريبة مثل القرفة كانت جزءا من عبير الفردوس”

ونتيجة التبادل التجاري بين البلدان فقد كانت تنتقل هذه الشائعات من بلد الى آخر ومن هذه المدن التي كانت على طرق القوافل التجارية مدينة البصرة العراقية ففي كتاب فريد كزارا – التوابل التاريخ الكوني-” كانت البصرة مليئة بالعرب والفرس والهنود والإندونسيين الذين يتحدثون لغة المالاي ومن هنا شقت هذه المعلومات عن الصين وجزر التوابل طريقها لتصبح آساطير”

وقد آشار المؤرخ بول فريدمان إلى هذا الجانب واعتقاد الناس الخاطئ حول النباتات التي كانت تستخرج منها التوابل “منذ القرن السابع عشر اعتقد الآوروبيين أن البهار في الهند قد نما على أشجار تحرسها الأفاعي التي تعض وتسمم فكانت هذه الآشجار تحرق مما تدفع الأفاعي للهروب تحت الأرض فيقوم الناس بجمع البهار ويساعدنا هذا أن نفهم مصدر الفكرة الخاطئة التي سادت لفترة طويلة بأن لون حبيبات الفلفل الأسود ناجم عن حرق الأشجار”

تجارة التوابل:

لقد عرفت هذه التجارة مند حوالي 2000 عام قبل الميلاد وكان طريقها (طريق التوابل) يبدأ من الهند وكان التجار يتداولون هذه السلعة من بلد إلى بلد وصولا إلى المرافئ البحرية لتبدأ منها الطرق البحربة أو كانت تكمل طريقها عبر الطرق البرية.

وقد سيطر العرب على هذه التجارة الهامة جدا من الشرق الأوسط والهند مما جعل مدنا مثل الاسكندرية مركزا وعصبا للتجارة بين الشرق وأوروبا. وأيضا كانت مدينة البندقية مركزا هاما يحتكر هذه التجارة وتفرض أسعارا عالية جدا.

التوابل أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت إلى الكشوف الجغرافية في العصور الوسطى:

إن الأسعار الغالية التي كانت تفرضها مدينة البندقية على أوروبا واحتكارها لهذه التجارة والحاجة الماسة لهذه السلعة دفع العديد من البلدان الى البحث عن مصدر هذه المادة التي اصبحت من ضروريات الحياة لدى العامة والخاصة في كل مكان.

فكانت رحلة الرحالة والمستكشف كريستوف كولومبوس من أجل الوصول الى الهند وفرض السيطرة على تجارة التوابل وخلال هذه الرحلة فقد تم اكتشاف العالم الحديث وهو أمريكا حاليا فوجد فيها شعب لون بشرتهم مائل للحمرة ولأنه كان يريد الهند فقد أطلق عليهم الهنود الحمر.

بعد فشل رحلة المستكشف كريستوف كولومبوس في الوصول الى منابع التوابل فقد نجح الرحالة والمستكشف الجغرافي فاسكو دا غاما في الوصول إلى الهند عام 1499 ميلادي وظهرت مؤسسة الهند الشرقية وبدأ التنافس في السيطرة على هذه التجارة بعد اكتشاف مصدرها. فنشأت العديد من المستعمرات على الطرق من أوروبا الى الهند بما فيهم الوطن العربي.

وجهة نظر:

إن التوابل في تلك الحقبة من التاريخ لا تقل أهمية عن النفط في عصرنا الحديث فقد كانت تقام من أجلها الحروب وتقوم وتزدهر دول وتنهار أخرى.

خالد عبدالرحيم

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر محفوظة