العالم من حولي

ظاهرة العصر: تردد الشباب في اختيار أي قرار مصيري!

عدم القدرة على الاختيار أصبحت ظاهرة منتشرة بشدة بين شباب اليوم – ولكن لماذا؟ لماذا نجد نفسنا نريد شيئاً ثم النقيض منه في اليوم التالي؟

تتكرر هذه الحادثة عند كون القرار موجهاً نحو المستقبل، رغم تعدد الخيارات – أو ربما بسبب تعدد الخيارات؟

يعود السبب الرئيسي إلى العلاقة المتناقضة بين الاختيار و الحرية، فكل القرارات تقلل من الحرية بدرجة ما.

هذا ما يجعل الكثير من المراهقين والشباب حالمين أكثر من كونهم منفذين. فيحتفظون بعالم مليء بالاحتمالات مفتوح الأبواب. فحين نختار اللا شيء يبقى “كل شيء” ممكناً.. أو هذا ما نعتقده. ونتبع نفس النهج عند اختيار شيء ما بالفعل ثم تغييره، ثم تغييره، وثم تغييره مجدداً! قبل أن تتسنى لنا فرصة لرسم طريق واضح في الحياة من خلال المشي في وجهة واحدة لوقت كافٍ. فالقرارات تتطلب الالتزام، بينما الأحلام لا تتطلب أي شيء.

لا خطب في كلا التوجهين، ولكن هذا لا يعني عدم وجود عواقب. الاختيار يعني التخلي عن درجة ما من الحرية لفترة معينة، وقد يعني ترك شيئاً ما، وهي عملية ليست بالسهلة وقد تكون مؤلمة في بعض الأحيان، ولكنها أيضاً تعني النضوج.

فإن كنت ممن يتردد في الاختيار دائماً أو تريد أن تمد يد المساعدة لأحد أقاربك أو أصدقائك ممن يعاني من نفس المعضلة،

فكرّ كالتالي:

أولاً، الحياة رحلة أقصر مما نعتقد، تجربتك فيها تعتمد على الاختيارات التي تقوم بها والتي لا تقوم بها على حد السواء. لن تستطيع العودة في الماضي وتغيير أي منها. وبينما لا تستطيع تغيير الماضي، لا زلت أنت المتحكم في قرارات الحاضر والمستقبل الخاصة بك، ويجب أن تبني كليهما على القرارات التي مضت سواء كانت التي اخترتها أم لم تخترها. فيجب أن نفهم أنه حتى عندما نعتقد أننا اخترنا الحرية فهذا لا يعني أننا بالفعل اخترنا الحرية – فلكل اختيار أو عدم اختيار نتيجة ما.

ثانياً، اعتبر نفسك أنك سائح في الحياة، وأنت تعلم أن الحياة ليست فانية، فبالتالي اختياراتك ستقرر كيف ستقضي وقتك في وجهتك الحالية.

لا يوجد هناك ضمان أن اختياراتنا ستؤدي بنا إلى الطريق الذي نرغب به، فكل الاختيارات تحتوي على قدر ما من الخطورة ونسبة من عدم النجاح، لذلك ثالثاً يجب أن نعرف أن الاختيار أحياناً قد يعني المغامرة. 

وأخيراً، في القرارات المصيرية والصعبة إعلم أن هذا النوع من القرارات يعرض لك تكلفة ما ومكافئة ما، أياً كان القرار، ولهذا هي تسمى بالقرارات المصيرية. فعلينا أن نتقبل أن القيام بقرار مصيري يعني التضحية، أحياناً نختار ما نريد مستقبلاً فنضحي بما نريد في الوقت الحالي ونتعامل مع ما لا نريد. فتأكد أنك درست التكلفة والمكافئة التي سيقدمها قرارك قبل أن تقدم عليه.

قد تمر علينا فرص ذهبية يقتلها عدم الاختيار، لذلك، لنحاول أن لا نجعل هذه الصفة عقبة في طريق مستقبل حافل.

وهناك مَثل عبري يقول “ثلاثة أشياء جيدة عندما تكون قليلة، وسيئة عندما تكون كثيرة: الخميرة والملح والتردد!”

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر محفوظة