قلم حر

ليس مجرد “خير جليس”!

ليس مجرد ” خير جليس” !

يعيش المرء أعواماً تحت أنقاض الجهل، مقتنعاً أنه لا سبيل للقيام، وبعثرة ما أثقل فكره وجسده من حطام عاداته وركام ذكرياته، فيكتفي فقط ببضع ثغرات، يتسلل منهن وميضُ المعرفة بين فينة وأخرى، وميضٌ لا يسمن ولا يغني من ضوء علم…

تمرّ عليه سنواتٌ أخرى من عجاف تلك الأحمال، حتى يأتي من بعدهن عامٌ يغاثُ فيه العقل وتبصرُ فيه عين المعرفة، ليجد أنه عاش الدهر منبطحاً ممردغاً بغبار الجهل، عينه لا ترى إلا نعل الأقدام، ولا تسمع أذناه إلا الخزعبلات، عامٌ يحطّم بشعاعه ظلام ذلك الركام، فيتحرك الجسد، ليبدأ رحلة في التيه والضياع، رحلةُ سيرٍ وبحثٍ في الضياعِ خيرٌ من ألف عامٍ من العجز تحت الأنقاض…

وفي جوف بؤرة الضياع، وبعد رحلة من البحث عن النور وسط الظلام، ترى يداً تخترق ذلك الظلام وتهزّ بأناملها لتمسك بها، أقصد لتتمسك بها، فتنتشلك من سراديب عمرك ، وتُهديك قبساً من سراج العلم، لتبدأ عهداً جديداً في حياتك، عنوانه ” اقرأ ” …

تلك اليد يمكن أن تكون يدَ كتابٍ ينير قنواتِ عقلك، أو روايةٍ تلمس فؤادك، أو مقالةٍ عميقة تلهمك، أو عبارةٍ مكتوبة على إحدى الجدران تحمّسك، أو آية من آيات القرآن تقرأها وكأن الله أنزلها وقد خصّك بها لتدلّك، أو حتى معلومة عشوائية تستخلصها من محركات البحث تُفيدك ، لا خلاف على مصدر تلك اليد ، لأن منبعها واحد، ألا وهو “اقرأ” ، اقرأ باسم ربك الذي خلق! ولا تدري، متى سيصيبك سهم الهداية من بين تلك الأسطر التي تقرأها، فتعيش وقد غنمت النورين، نور العلم في دنياك، ونور الجنة في آخرتك، إنه سهم حياةٍ لا قتل!
سهم ال ” اقرأ ” !

ولكن احذر، من أن تدُسَّكَ تلك اليد أسفل حطامٍ أشد ظلاما من حطام الجهل، أن تدسّك في تراب الكِبر أو التعصب، فبتلك الحالة، أنت أمسكت بالقبس لا لتنير دربك، بل لتحرق به نفسك! فاحذر!

أحمد الفار

التعليقات

  1. Greetings from Colorado! I’m bored at work so I decided to browse your blog on my iphone during lunch break. I love the info you provide here and can’t wait to take a look when I get home. I’m shocked at how fast your blog loaded on my cell phone .. I’m not even using WIFI, just 3G .. Anyways, superb site!

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر محفوظة