العالم من حولي

هل يشكل انهيار بنك وادي السيليكون مقدمةً لأزمة مالية جديدة؟

(ترجمة وإعادة صياغة عن مقال منشور في موقع CBC NEWS – رابط المقال الأصلي في نهاية الصفحة)

وسط توقعات بأن يخلّف الانهيار الذي تعرض له بنك وادي السيلكون تأثيرات محدودة، إلا أن التجربة التي مرت بها أسواق المال خلال أزمة عام 2008، لا تزال تلقي بظلالها على المشهد، وهذا ما انعكس تراجعاً – يبدو طفيفاً حتى الآن- في أسواق الأسهم العالمية.

واجه البنك المشهور بسبب ارتباطه بشركات التكنولوجيا الناشئة وشركات رأس المال الاستثماري، أحد أقدم مشاكل البنوك على مر العقود: التهافت على سحب الأموال، الأمر الذي أفضى في النهاية إلى انهياره يوم الجمعة الماضي.

يمثل انهيار البنك أكبر فشل لمؤسسة مالية في الولايات المتحدة منذ انهيار مؤسسة واشنطن ميوتشوال في ذروة الأزمة المالية منذ أكثر من عقد من الزمان.

وقد كان لانهيار بنك وادي السيليكون آثار سلبية مباشرة، حيث وجدت بعض الشركات الناشئة التي لها صلات مع البنك صعوبة في دفع أجور عمالها، وسط خشية من الوصول إلى حد تعليق مشاريعها أو تسريح موظفيها.

فكيف حدث هذا؟ ومن الذي تأثر بشكل أكبر؟ وهل من تأثير لذلك على النظام المصرفي في الولايات المتحدة؟

 

أسباب الانهيار!

تضرر بنك وادي السيليكون بشدة بسبب الانخفاض في أسهم التكنولوجيا خلال العام الماضي، بالإضافة إلى خطة الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) لزيادة أسعار الفائدة لمكافحة التضخم.

اشترى البنك سندات بالمليارات خلال العامين الماضيين، مستخدماً ودائع العملاء، وهذا ما تقوم به البنوك عادةً، ومن المفترض أن تكون هذه الاستثمارات آمنةً، ولكن قيمة هذه الاستثمارات تراجعت لأنها حققت أسعار فائدة أقل مقارنة بالسندات المماثلة التي يتم إصدارها حالياً.

عادةً لا يشكل ذلك مشكلة، لأن البنوك تحتفظ بالسندات لفترة طويلة، ما لم يتعين عليها بيعها في حالات الطوارئ.

تشكل الشركات الناشئة والشركات التي تركز على التكنولوجيا غالبية عملاء بنك وادي السيليكون، واحتاجت هذه الشركات إلى المزيد من السيولة خلال العام الماضي بسبب الضغوط الكبيرة التي فرضها التضخم.

كان تمويل رأس المال الاستثماري يتراجع، ولم تكن الشركات قادرة على الحصول على تمويل إضافي لأعمال غير مربحة، وبناء على ذلك توجب عليها سحب أموالها المودعة في وادي السيليكون، الذي يشكل القلب النابض لعالم الشركات التكنولوجية الناشئة.

بدأ عملاء وادي السيليكون في سحب ودائعهم. في البداية لم يمثّل الأمر مشكلة كبيرة، ولكن مع الوقت تطلب ذلك من البنك بيع أصوله الخاصة لتلبية طلبات السحب من العملاء.

ولأن عملاء وادي السيليكون كانوا في الغالب من الشركات الناشئة والأثرياء، فإنهم على الأرجح كانوا أكثر خوفاً من انهيار البنك لأن ودائعهم كانت تزيد عن 250 ألف دولار أمريكي، وهو الحد الأقصى المفروض من قبل الحكومة الأمريكية للتأمين على الودائع.

هذا الموقف اضطر البنك إلى بيع السندات الآمنة بخسارة، وتراكمت الخسائر حتى وصل البنك إلى الإفلاس بشكل فعلي. حاول البنك جمع رأس مالٍ إضافي من المستثمرين الخارجيين، لكنه فشل في ذلك.

انهار البنك تقريباً بسبب التهافت على سحب الودائع، فاضطرت الجهات الناظمة لعمل البنوك إلى حجز أصوله لحماية الودائع المتبقية.

كانت شركة Confirm.com لإدارة أداء الموظفين الموجودة في سان فرانسيسكو أحد المودعين في بنك وادي السيليكون الذين سارعوا إلى سحب أموالهم قبل أن تحجز الجهات الناظمة عليه.

ويكشف مؤسس الشركة ديفيد موراي، عن بريد إلكتروني تلقاه من أحد المستثمرين، يحث فيه الشركة على سحب أموالها “فوراً”، مشيراً إلى علامات على هروب رؤوس الأموال من البنك.

تتالت هذه الأحداث بشكل متسارع، ما أدى إلى انهيار البنك.

 

ما الذي سيحدث بعد ذلك؟

 

يواجه بنك وادي السيليكون مشكلتين رئيستين، ويمكن أن تؤديا إلى مشكلات إضافية إذا لم يتم حلهما بسرعة.

المشكلة الأولى هي ودائع البنك الكبيرة، حيث إن الحكومة الأمريكية تؤمن على الودائع حتى 250،000 دولار، ولكن أي مبلغ يفوق ذلك يعتبر غير مؤمن. وقالت هيئة التأمين الفيدرالية للودائع إن الودائع المؤمنة باتت متاحة. ومع ذلك، كانت غالبية ودائع بنك وادي السيليكون غير مؤمنة، وهي ميزة فريدة من نوعها يمتلكها البنك بسبب عملائه الذين كانوا في الغالب من الشركات الناشئة والعاملين في مجال التكنولوجيا الأثرياء.

في الوقت الحالي، لا يمكن الوصول إلى الودائع غير المؤمنة، وعلى الأرجح سيتم ذلك من خلال عملية منظمة، ولكن العديد من الشركات لا يمكنها الانتظار لأسابيع حتى تصل إلى أموالها لتلبية دفعات الرواتب ونفقات المكاتب.

المشكلة الثانية تتمثل في عدم وجود مشترٍ لبنك وادي السيليكون. فعادةً ما تبحث هيئات تنظيم البنوك عن بنك أقوى لتولي أصول بنك منهار، ولكن في هذه الحالة، لم يتقدم بنك آخر لذلك، فقد يواجه أي مشترٍ لبنك وادي السيليكون مشكلات كثيرة مرتبطة بالأموال التي لا يمكن للشركات الناشئة الوصول إليها الآن.

هل هناك أي مؤشرات على تكرار أزمة عام 2008؟

 

في الوقت الحالي، لا، ولا يتوقع الخبراء انتشار المشكلة إلى القطاع المصرفي على نحوٍ واسع.

كان بنك وادي السيليكون كبيراً، ولكنه امتاز بالارتباط بالعالم التكنولوجي، وهذا تحديداً يعتبر أكثر أجزاء الاقتصاد الأمريكي تعرضاً للصدمات القوية خلال العام الماضي.

بالمقابل، فإن البنوك الأخرى أكثر تنوعاً من حيث مجالات الاستثمار وقواعد العملاء والتوزع الجغرافي. وقد أظهرت أحدث جولة من “اختبارات الإجهاد” التي أجراها الاحتياطي الفيدرالي لأكبر البنوك والمؤسسات المالية أن جميعها سيتجاوز ركوداً عميقاً وانخفاضاً كبيراً في معدل البطالة.

ومع ذلك، فقد تحدث صدمات اقتصادية في منطقة الساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة، وفي عالم الشركات التكنولوجية الناشئة إذا لم يتم تحرير الأموال المتبقية بسرعة.

 

رابط المقال الأصلي:

 

https://www.cbc.ca/news/business/silicon-valley-bank-failure-explainer-1.6776182

زر الذهاب إلى الأعلى
error: حقوق النشر محفوظة